لما أُنشئت آلات الطباعة في القرن الخامس عشر الميلادي وفي ذلك الحين شهدت إيطاليا أول مصحف مطبوع . ثم طُبِعَ المصحف مرةً ثانية في هامبورج في ألمانيا . ثم طَبْعَة سان بالقيصرية الروسية سنة 1787 م .
ثم توالت طباعة المصحف في البلاد الإسلامية في القرنين التاسع عشر والعشرين.
غير أنَّ هذه المطابع ما كانت تراعي في طبع المصحف قواعد الرسم العثماني التي كتب عليها في عهد عثمان ، وفي عهد الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ، تلك القواعد التي تلقاها الخلف عن السلف بالرضي والتسليم ، لما وقفوا عليها من مزاياها وأسرارها .
بل كانت تعتمد في رسمه علي قواعد الإملاء المحدثة اللهم إلا في النادر القليل من الكلمات كانت ترسمها على قواعد الرسم العثماني.
ظلت المصاحف هكذا زمناً غير قصير حتى قيض الله لها علماً من أعلام القرآن فرجع بها إلى قواعد الرسم الثماني وهو الأستاذ العلامة المحقق المغفور له الشيخ ( رضوان بن محمد الشهير بالمخللاتي )
فكتب مصحفاً جليل الشأن عني فيه بكتابة الكلمات على قواعد الرسم العثماني كما عني فيه ببيان عدد آي كل سورة في أولها على مذاهب علماء العدد المشهورين ، وتم ضبطه على ما في كتاب المقنع للإمام الداني ، وكتاب التنزيل لأبي داود.
وقد طبع هذا المصحف في المطبعة البهية لصاحبها الشيخ محمد أبو زيد سنة ثمانٍ وثلاثمائة وألف هجرية [ 1308 ] هـ .
بيد أنه لم يبرز في صورة حسنة ، لرداءة ورقه ، وسوء طباعته ، إذْ أنَّه طبع في مطبعة حجرية.
ثم أصدر المغفور له ( الملك فؤاد الأول ) مرسوماً بطبع المصحف على نفقته الخاصة ، وبالعناية الفائقة به.
فكونت لجنة من أساطين العلم ونوابغ الأدب ، وعلى رأسهم المغفور له العلامة الشيخ محمد علي خلف الحسيني شيخ المقارئ المصرية فكتبوا القرآن كله حسب قواعد الرسم العثماني ، وضبطوه الضبط التام على ما ذهب إليه المحققون من العلماء.
وقد طبع هذا المصحف سنة [ 1923 ] م وقد أشرف على طباعته الأزهر الشريف.
وفي عام [ 1405 ] هـ الموافق [ 1984 ] م افتتح المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز مجمع الملك فهد بن عبد العزيز لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة .
وقد كتب هذا المصحف بخط الأستاذ الشيخ عثمان طه .
ثم قام مجمع الملك فهد بطباعة المصحف الشريف بالراويات المتواترة ، وترجمة معاني القرآن وتفسيره إلى أشهر لغات العالم .
كما قام المجمع بتسجيل المصحف على شرائط سمعية ، وعلى أقراص ضوئية لقراءته والاستماع إليه بواسطة الحاسوب ، وقد رأيت ذلك حينما كنت أعمل في المجمع عام [ 1426 ] هـ .
الجمعة سبتمبر 23, 2011 5:06 am
