المخارج : جمع مخرج ، وهو في اللغة اسم لمكان خروج الشيء ، أياً كان ذلك الشيء.
واصطلاحاً : المكان الذي يخرج منه الحرف ، ويبرز ، ويتميز عن غيره.
وقيل : هو الحيز المولد للحرف بواسطة انحباس الصوت فيه ، تحقيقاً أو تقديراً ، فحيث انحبس الصوت بالفعل فهو المحقق، وحيث أمكن انقطاع الصوت عنده فهو المقدر .
وجميع حروف الهجاء مخارجها محققة لانقطاع الصوت عند حروفها واعتمادها على أجزاء الحلق واللسان والشفتين ،
إلا حروف المد الثلاثة فمخرجها مقدر لعدم انقطاع الصوت عند خروجها ، وعدم اعتمادها على جزء من أجزاء الحلق واللسان والشفتين ، بل يمتد الصوت بها في لين وعدم كلفة ، ثم ينتهي في الهواء.
ولذلك سميت حروف المد واللين ، كما سميت الحروف الهوائية.
والمخرج للحرف كالميزان ، تعرف به ماهيته وكميته، فببيان مخرج الحرف يعرف مقداره ، فلا يزاد فيه ولا ينقص ، وإلا كان لحناً.
وتحقيق ذلك : أن الهواء الخارج من الرئة ، وهو موضع النَفَس ، إن خرج بدافع الطبع من غير أن يسمع يسمى ( نفَسَاً )
وإن خرج بالإرادة وعرض له تموج يسمع بسبب جسمين يسمى ( صوتاً )
وإن عرض للصوت كيفيات مخصوصة بسبب اعتماده على مقطع أي مخرج محقق ، أو مقدر ،
سمي ذلك الصوت ( حرفاً )
مذاهب العلماء في مخارج الحروف:
أولاً : ذهب الخليل بن أحمد وأكثر القراء والنحويين ومنهم بن الجزري إلى أنها سبعة عشر مخرجاً.
ثانياً : وذهب سيبويه ومن تبعه كالشاطبي إلى أنها ستة عشر مخرجاً .
ثالثاً : وذهب قطرب والجرمي والفراء إلى أنها أربعة عشر مخرجاً .
وإليك بيان ذلك :
فمن جعلها سبعة عشر مخرجاً ، جعل في الجوف مخرجاً ، وفي الحلق ثلاثة ، وفي اللسان عشرة ، وفي الشفتين اثنين ، وفي الخيشوم واحد .
ومن جعلها ستة عشر مخرجاً ، أسقط مخرج الجوف وفرق حروفه ، وهي حروف المد ، علي بعض المخارج ، فجعل الألف مع الهمزة من أقصى الحلق ،
وجعل الياء المدية مع الياء المتحركة من وسط اللسان ، والواو المدية مع الواو المحركة من الشفتين.
ومن جعلها أربعة عشر أسقط مخرج الجوف كذلك وجعل ، وجعل مخارج اللسان ثمانية بجعله مخرج اللام والراء والنون واحداً .
المذهب الراجح.
ونحن نتبع مذهب ابن الجزري في جعلها سبعة عشر مخرجاً ، يجمعها إجمالاً خمسة مخارج ، وتسمى المخارج العامة،وهي :
المخرج الأول: الجوف وهو الخلاء الداخل في الحلق والفم ، ويخرج منه حروف المد الثلاثة وهي :
الواو الساكنة المضموم ما قبلها ، والياء الساكنة المكسور ما قبلها ، والألف ولا تكون إلا ساكنة ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً.
وتسمى هذه الحروف بالجوفية أو الهوائية أو مد ولين ، وهي مجموعة في قوله تعالى [نُوحِيهَا]
الثاني : أقصى الحلق ، أي أبعده مما يلي الصدر ويخرج منه الهمزة والهاء .
الثالث : وسط الحلق ، ويخرج منه العين والحاء المهملتان .
الرابع : أدنى الحلق مما يلي الفم ، ويخرج منه الغين والخاء المعجمتان.
وتسمى هذه الحروف الستة بالحلقية لخروجها من الحلق ، وتسمى أيضاً حروف الإظهار لأن النون الساكنة والتنوين تظهر عندها.
الخامس : أقصى اللسان أي أبعده مما يلي الحلق وما يحاذيه من الحنك الأعلى ويخرج منه القاف.
والحنك الأعلى هو : باطن الفك من داخل الفم الأعلى.
والحنك الأسفل هو : باطن الفك من داخل الفم الأسفل.
السادس : أقصى اللسان مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى تحت مخرج القاف ويخرج منه الكاف.
وهذان الحرفان يقال لهما : لهويان لخروجهما من قرب اللهة.
واللهة بفتح اللام هي المشرفة على الحلق.
السابع : وسط اللسان مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى ويخرج منه الجيم والشين والياء المتحركة.
وتسمى هذه الحروف شجْرية ـ بسكون الجيم ـ لخروجها من شجْر اللسان، وهو منفتح ما بين اللحيين.
الثامن : إحدى حافتي ( ) اللسان وما يحاذيه من الأضراس ( ) العليا ويخرج منه الضاد المعجمة.
وخروجها من الجهة اليسرى أسهل وأكثر استعمالاً . ومن اليمنى أصعب وأقل استعمالاً.
ومن الجانبين أعز وأعسر، فهي أصعب الحروف مخرجاً.
التاسع : ما بين حافتي اللسان معاً ـ بعد مخرج الضاد ـ وما يحاذيها من اللثة ، أي لحمة الأسنان العليا، ويخرج منه اللام ، وقيل خروجها من الحافة اليمنى أمكن عكس الضاد .
العاشر : طرف اللسان وما يحاذيه من لثة الأسنان العليا ، تحت مخرج اللام قليلاً يخرج منه النون المظهرة ، وأما المدغمة والمخفاة فمخرجها الخيشوم.
وقيل أن النون المخفاة ، والمدغمة مطلقاً في غير مثلها ، تتحول من طرف اللسان إلي قرب مخرج ما تخفى عنده من الحروف .
وكذلك المدغمة مطلقاً فإنها تتحول من طرف اللسان إلى مخرج ما تدغم فيه.
الحادي عشر : طرف اللسان مع ظهره مائلاً رأسه ويخرج منه الراء ،
وهي أدخل إلى ظهر اللسان من النون .
وتسمى هذه الحروف الثلاثة : ذلْقية ـ بفتح الذال وإسكان اللام ـ لخروجها من ذَلْق اللسان ، أي طرفه.
وقال بن الجزري : إن كانت الراء مرققة تمكن من طرف اللسان ، وإن كانت مفخمة تمكن من ظهر اللسان.
الثاني عشر : ظهر رأس اللسان وأصل الثنيتين العليين ، ويخرج منه الطاء والدال المهملتان ، فالتاء الفوقية .
وتسمى هذه الحروف نِطْعية ، لخروجها من نطع الفم أي جلدة غاره .
والنطع بكسر النون وفتحها وتحريك الطاء : بساط من الأديم.
وغار الفم هو التجويف العميق داخل الفك في مقدم الفم.
الثالث عشر : طرف اللسان مع ما بين الأسنان العليا والسفلي قريبة إلى السفلي ، مع انفراج قليل بينهما ، ويخرج منه الصاد والسين والزاي .
وتسمى هذه الحروف أسَلية لخروجها من أسلة ـ بفتح السين واللام ـ وهي طرفه ، أو مستدقة ،
أي ما دقَّ منه . أي المكان الدقيق في اللسان .
الرابع عشر : طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا ويخرج منه : الظاء والذال والثاء ،
وتسمى هذه الحروف لثوية لخروجها من قرب اللثة .
الخامس عشر : بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا ، ويخرج منه الفاء.
السادس عشر : الشفتان معاً وتخرج منهما الباء الموحدة ، والميم والواو المتحركة.
إلا أنهما بانطباق مع الميم والباء ، وانفتاحهما مقببتين مع الواو.
وتسمى هذه الحروف شفوية لخروجها من الشفة.
السابع عشر : الخيشوم ، وهو خرق الأنف المنجذب إلي الداخل فوق سقف الفم ، وليس بالمنخر.
ويخرج منه الغنة.