القراءات جمع قراءة ، وهى مصدر قرأ ، وهى الضم والجمع .
والقارئ لكل مكتوب من شأنه أن يضم أصوات الحروف فى ذهنه ، لتتكون الكلمات التى ينطق بها .
والقراءات وجوه مختلفة فى الأداء من النواحي الصوتية ، أو التصريفية ، أو النحوية ، واختلاف القراءات على هذا النحو ، اختلاف تنوع وتغاير ، لاختلاف تضاد وتناقض ،
لأن التناقض والتضارب يتنزه عنهما الكتاب العزيز ،
واختلاف القراءات لا يقوم على اجتهاد الأشخاص ، ووجهات أنظارهم ، أو على أساس قياس يراعى القوم قواعده ، فالقراءات لا يجوز فيها الاستحسان العقلي أو القياس اللغوي ،
وإنما القراءة سنة متبعة ونقل محض ، تقوم على سند متواتر عن رسول الله ، فقد قام جبريل بتعليم النبي القرءان ووجوه القراءات ،وكتاب الرسول يكتبون ما ينزل من القرءان ، وقد قام الرسول بتعليم الصحابة القرءان ووجوه القراءات ، فمن الصحابة من أخذ القرءان عن الرسول بحرف واحد ومنهم من أخذه بحرفين ، ومنهم من زاد على ذلك ،
ثم تفرق الصحابة في الأمصار بعد رسول الله ، يقرءون الناس القرءان ، وينشرون القراءات ، وأخذ منهم التابعيون ومن بعدهم ، من أئمة القراءات، الذين تخصصوا وانقطعوا للقراءة والإقراء، يتلونها وينشرونها، وتحولت القراءات إلى تلمذة أو رجوع إلى حفظة للقراءة عليهم وللأخذ عنهم .
وبذلك استقرت القراءات مادة تتلقى وتدرس ، وبدأت وجوه القراءات تأخذ طريقها فى النقل ومسارها فى الرواية ، وكان فى كل مصر قراء ، كما كان الصحابة فى عهد رسول الله ، ثم تجرد قوم للقراءة وألأخذ ،
واعتنوا بضبط القراءة أتم عناية ، حتى صاروا فى ذلك أئمة يقتدى بهم ، ويرحل إليهم ، ويؤخذ عنهم ، وأجمع أهل بلدهم على تلقى قراءتهم بالقبول ولم يختلف عليهم فيها اثنان ، ولتصديهم للقراءة وإلإقراء نسبت إليهم ، نسبة أداء ونقل وتمييز ، لانسبة إنشاء لأن مصدر الراءات إنما هو الوحى ، ومن هنا ، قيل القراء : السبعة أوالعشرة ، أو ألأربع عشر ، لأنهم اشتهروا أكثر من غيرهم بنقل هذا العلم والتصدى له ،وإقرائه لغيرهم ، واشتهروا بالحفظ وألإتقان والنقل ،وحسن الرواية وكمال العلم ، أفنوا أعمارهم فى القراءة وألإقراء ، واشتهر أمرهم ، وأجمع أهل مصرهم على عدالتهم ، ولم تخرج قراءتهم عن خط المصحف العثمانى ، وأجمعت على قراءتهم ألأمة ولم يختلف عليهم فيها اثنان ، حتىأصبح لهم رواة ثقات ، ينقلون عنهم هذه القراءات إلى أن يرث الله ألأرض ومن عليها ،